منوعات

لمناسبة اليوبيل الـ75 لاعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مجلس كنائس الشرق الأوسط والمكتب الإقليمي للمفوضيّة السامية الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان في ندوة ونداء من مقرّ المجلس في بيروت تحت عنوان: "الكرامة والحريّة والعدالة" ممثّل الأمم المتّحدة للشّؤون الإنسانيّة في لبنان عمران ريزا: استطاع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أن يسّن حقوقًا تحمي الإنسان وتحفظ كرامته الأمين العام د. ميشال عبس: نحتاج لثقافة حقوق الانسان لنتأكد ان البشرية قد غادرت الغابة نحو المجتمع

إحتفالًا باليوبيل الـ75 لاعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، عقد مجلس كنائس الشرق الأوسط، بالشراكة مع المكتب الإقليمي للمفوضيّة السامية للأمم المتّحدة لحقوق الإنسان، ندوة فكريّة بعنوان “الكرامة والحريّة والعدالة”، إيمانًا منه بنشر مبادئ حقوق الإنسان والدفاع عنها، وذلك يوم الأربعاء 11 كانون الثاني/ يناير 2023، في المقرّ الرّئيس للأمانة العامة لمجلس كنائس الشرق الأوسط في بيروت.

شارك في الندوة ممثّل الأمم المتّحدة منسق الشّؤون الإنسانيّة في لبنان الأستاذ عمران ريزا، البروفسور ميشال عبس الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط، النائب اللبناني الدكتور ميشال موسى، الدكتور حبيب شارل مالك، المحامي الدكتور أنطوان صفير، البروفسور أنطوان مسرّة وجمع من المفكرين والقانونيين والباحثين والناشطين في العمل لحقوق الانسان والقضايا الإجتماعية الإنسانية…

ضمّت الندوة جلسات عدّة بدأت من العاشرة صباحًا واستمرت حتّى الرابعة والنصف من بعد الظهر، تحدّث خلالها متكلّمون في مجال القانون وحقوق الإنسان، بمشاركة مجموعة من المتخصّصين والحقوقيين في مكاتب الأمانة العامة أو تابعوا عن بُعد عبر تطبيق زووم. قدّمت للندوة مديرة دائرة التواصل والعلاقات العامة في مجلس كنائس الشرق الأوسط الإعلاميّة أوغيت سلامة وبُثّت مباشرةً على شاشة تيلي لوميار ونورسات وصفحة مجلس كنائس الشرق الأوسط على موقع فيسبوك.

افتُتحت الندوة بكلمة الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط البروفسور ميشال عبس الّذي أضاء فيها على نصّ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وأسسه وقال فيها “أصبحنا نجد ان النسبة الأكبر من البشرية تَعتبر القواعد المدرجة في الإعلان بديهيات لا بد من تأمينها وجعلها قانون التعامل بين البشر… من هنا ضرورة التحصين، تحصين العقول والنفوس عبر ترسيخ القيم التي تُؤَمِن مستقبلا أفضل للبشرية… وتعزيز ثقافة حقوق الانسان على مستوى البشرية…”.

تابع ” لقد دربنا فرقنا العاملة، في مختلف كيانات المشرق الأنطاكي المنكوبة، على التعامل مع المشرّدين والمنكوبين والمعوزين بكرامة المحبة التي أوصانا بها السيّد المتجسّد… لقد تعامل المجلس مع حقوق الإنسان لفترة طويلة خلال الثمانينات والتسعينات، وله باع طويل في هذا المضمار، أمّا اليوم فإن تركيزنا هو على مفهوم الكرامة الإنسانيّة”.

وختم “إنّنا نحتاج لثقافة حقوق الإنسان لكيّ نتأكد أنّ البشرية قد غادرت الغابة نحو المجتمع إلى غير رجعة، ولكي نمنع إستشراء الداروينيّة الإجتماعيّة حيث يفتك القوي بالضعيف، فيحصل كل إنسان على حقوقه، وكرامته تاج هذه الحقوق”.

من ثمّ كانت كلمة ممثّل الأمم المتّحدة للشّؤون الإنسانيّة في لبنان الأستاذ عمران ريزا  الّذي شدّد على الإحتفال باليوبيل الـ75 لاعتماد الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان حيث أشار إلى أنّه استطاع أن يسّن حقوقًا تحمي الإنسان وتحفظ كرامته بشكل متساوٍ مع الجميع.

أمّا عن لبنان فقال أنّه عضو مؤسّس في الأمم المتّحدة ومساهمًا رئيسًا في هذا الإعلان. وأكّد في السّياق على أهميّة الآليّات المختلفة الّتي تعبّر عن إلتزامات الدولة من أجل حماية وتعزيز حقوق الإنسان الّتي تنصّها المعاهدات الدوليّة والتشريعات.

بعدها بدأت الجلسة الأولى الّتي كانت بعنوان “مدخل إلى القانون الدولي لحقوق الإنسان – المفاهيم والمصطلحات”. تحدّث فيها المحامي الدكتور أنطوان صفير، أستاذ في القانون الدوليّ، عن أهميّة موضوع حقوق الإنسان وخطورته إضافةً إلى الصكوك والوثائق الملزمة قانونيًّا والحماية الدوليّة لحقوق الإنسان، مؤكّدًا أنّ مجلس كنائس الشرق الأوسط صاحب رسالة لا سيّما في العمل من أجل العدالة وأنّ الثورة الحقيقيّة في المجلس هي ثورة الحقّ من أجل الإنسان.

كما تكلّم الدكتور المعتصم بالله ادهم، أستاذ في القانون المدني وحقوق الإنسان، عن الخصائص المرتبطة بحقوق الإنسان متطرّقًا إلى نظرة الدين المسيحيّ والإسلاميّ في هذا الإطار، وكذلك الشرع والإعلانات العالميّة لحقوق الإنسان.

بعد الإستراحة الصباحيّة، كانت الجلسة الثانية الّتي تمحورت حول “تطوّر منظومة حقوق الإنسان منذ صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948”. خلالها أوضح الأستاذ علاء قعود، نائب المفوّض الإقليمي لمفوضيّة الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان، دور المفوضيّة والآليّات الدوليّة الفعليّة الّتي تعكس عملها، مشيرًا إلى أنّ هناك إجراءات كثيرة تشمل مساحة واسعة من الحقوق.

من جهّته، عرض الدكتور حبيب شارل مالك، أستاذ التاريخ والدراسات الثقافيّة، لفكر والده الأستاذ شارل مالك في مجال حقوق الإنسان، إضافةً إلى مقاربته ونظرته ومساهمته في صياغة محتوى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

وبعد استراحة الغداء، بدأت الجلسة الثالثة بعنوان “إلتزامات لبنان بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان”، حيث تحدّث فيها الدكتور ميشال موسى، نائب في البرلمان اللّبنانيّ ورئيس اللّجنة النيابيّة لحقوق الإنسان، عن الجهود الّتي بُذلت في لبنان من أجل صياغة التشريعات المتعلّقة بحقوق الإنسان، مضيئًا على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمسار التاريخي لمبادئ هذه الحقوق في القانون اللّبنانيّ وكذلك الخطّة الوطنيّة الّتي أُعدّت في هذا الإطار.

بدوره، تكلّم البروفسور أنطوان مسرّة، رئيس كرسي اليونسكو للأديان المقارنة والوساطة والحوار في جامعة القدّيس يوسف في بيروت، عن الإنحرافات الّتي زعزعت مبادئ حقوق الإنسان والعوائق الّتي منعت معالجة عدم فعاليّة التشريعات، إضافةً إلى إلتزامات لبنان بموجب القانون الدولي.

أمّا الجلسة الختاميّة فخُصّصت للبحث في الأفق المستقبليّة وسُبل مشاركة مجلس كنائس الشرق الأوسط وشركائه في حملة مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان الّتي أطلقتها في 10 كانون الأوّل/ ديسمبر 2022، وذلك لمدّة سنة تحت شعار “الكرامة والحريّة والعدالة للجميع”، ودعوتها “قوموا ودافعوا عن حقوق الإنسان”. تولّى البحث في هذه الجلسة الدكتورة لور أبي خليل، أستاذة في السياسات العامة والإستراتيجيّات، والمحامي رفيق زخريا، متخصّص في منظومة حقوق الإنسان في الأمم المتّحدة والناشط المدني في مسألة عقوبة الإعدام.

ختامًا، صدر عن الندوة مجموعة من التوصيات المشتركة بين مجلس كنائس الشرق الأوسط ومفوضيّة الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان، تتمحور حول مسألة الحريّة وإحقاق العدالة وصون الكرامة وحقوق الإنسان  ستُرفع إلى الجهات والهيئات الإقليميّة والدوليّة المعنيّة.