منوعات

تصنيف الأردن بمؤشر الدخل… الدلائل والحيثيات بقلم د . محمد أبو حمور

تصنيف الأردن بمؤشر الدخل… الدلائل والحيثيات

بقلم د . محمد أبو حمور

أصدر البنك الدولي بداية شهر تموز الحالي النسخة المحدثة من تقرير مؤشر الدخل الذي يصنف دول العالم الى أربع مجموعات وفقاً لنصيب الفرد من الدخل القومي، فالدول ذات الدخل المرتفع هي تلك التي يزيد نصيب الفرد فيها عن 13845 دولاراً، أما الفئة العليا من الدول متوسطة الدخل فنصيب الفرد فيها أقل من المبلغ المشار اليه ولكنه لا يقل عن 4466 دولاراً، أما التي يقل فيها الدخل عن ذلك ولكنه أكثر من 1136 دولاراً فتصنف ضمن فئة الدخل المتوسط المنخفض، والدول التي يقل فيها نصيب الفرد عن ذلك تصنف ضمن الدخل المنخفض.

ولعل ما أثار الاهتمام المحلي غير المسبوق بصدور هذا المؤشر هو تصنيف الأردن ضمن فئة الدخل المتوسط المنخفض في حين كانت تصنف سابقاً ضمن الفئة العليا من الدخل المتوسط.

شهد الأردن خلال ما يزيد عن عقد من الزمن زيادة غير طبيعية في عدد السكان نتيجة لموجات اللجوء الناجمة عن حالة عدم الاستقرار والاحداث التي شهدتها بعض دول الإقليم، واضافة لذلك فقد تأثر الاقتصاد الأردني بتداعيات الظروف الإقليمية وبعض الإجراءات، وتفاقم الأثر مع تفشي الوباء ما أدى الى تواضع نسب النمو الاقتصادي التي كانت أقل من نسب النمو السكاني ونتيجة لذلك من الطبيعي أن يتراجع مستوى دخل الفرد خاصة وأن معدل البطالة خلال السنوات الثلاث الأخيرة كان يتجاوز 22.7%، ومن الواضح أن هذه التراكمات أدت الى تراجع مستوى معيشة المواطنين وزادت من مستويات الفقر، ومن المهم أن ندرك أن هذا الواقع ليس وليد اللحظة الراهنة بل نتيجة مجمل الأوضاع الجيوسياسية والسياسات الاقتصادية والإجراءات التي تم اتخاذها خلال العقد الأخير، لذلك فمواجهة هذه المصاعب والتداعيات سوف تتطلب وقتاً وجهداً وعملاً لا بد من القيام به بشكل عاجل مع ضمان الالتزام بسياسات اقتصادية ومالية قادرة على التعامل مع الواقع وتحدياته وتغييره بما يحقق الطموحات عبر توزيع أفضل للدخل وتنمية مستدامة تنعكس اثارها على أوسع فئة من المواطنين، ويشكل التنفيذ الجيد والفعال لبرامج ومبادرات خطة التحديث الاقتصادي عاملاً أساسياً لبلوغ هذه الغاية.

يتم حالياً العمل بشكل حثيث لتحسين البيئة الاستثمارية بهدف تحفيز الاستثمارات المحلية وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية وضمن هذه الجهود تم تحديث الاطار التشريعي ومن المتوقع أن يتم خلال الدورة القادمة لمجلس الامة مناقشة قانون مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وهذه خطوات مهمة لتحسين نسب النمو الاقتصادي علماً بان تصنيف الدخل لا يمثل عاملاً مهما في التأثير على التدفقات الاستثمارية، فالمشاريع الاستثمارية في الأردن لا تعتمد على السوق المحلي فقط بل امامها فرصة ولوج الأسواق العالمية بفضل الاتفاقيات التجارية المتعددة، كما أن هذا التصنيف ليس له أثر يذكر على إمكانية الوصول لمصادر التمويل العالمية، ولكن ذلك لا يعني التوقف عن السعي لرفع نسب النمو الاقتصادي وزيادة معدل دخل الفرد وتخفيض نسب البطالة والتصدي للتحديات التي تواجه الاقتصاد الأردني.

وفي هذا السياق لا بد أن تولى المشاريع الاستثمارية المولدة لفرص العمل أهمية خاصة وأن تحظى بمعاملة تفضيلية، مع مراجعة السياسات الاقتصادية وتحديثها بما يوائم المستجدات.

تصنيف الأردن ضمن فئة الدخل المتوسط المنخفض يعكس الارتفاع في أعداد السكان وتواضع نسب النمو الاقتصادي، وهو مؤشر لضرورة العمل على تحسين حياة المواطنين والحاجة لتخفيض نسب البطالة، وبالرغم من أن الإصلاحات التي تم تنفيذها خلال الفترات الزمنية الماضية قد جنبت الأردن الكثير من الازمات وساعدته في مواجهة العديد من التحديات، الا أننا اليوم بحاجة الى سياسات وإجراءات ذات أثر مباشر على حياة المواطن ومستوى معيشته ونوعية الخدمات المقدمة له.

بقلم د . محمد أبو حمور