منوعات

بقلم وزير المالية الاردني الأسبق د محمد أبو حمور….. الاردن وصندوق النقد…. خيارات الإصلاح المستقبلية

بقلم وزير المالية الاردني الأسبق د محمد أبو حمور…..

الاردن وصندوق النقد…. خيارات الإصلاح المستقبلية

على مدى ثلاثة عقود ونصف تم عقد تسع اتفاقيات بين الأردن وصندوق النقد الدولي وعلى فترتين أولهما اختتمت في صيف عام 2004 تم خلالها تحقيق مؤشرات وانجازات مميزة اتاحت الاستمرار في تنفيذ الإصلاحات عبر جهود وطنية، الا أنه في عام 2012 وفي ضوء التطورات الجيوسياسية في الإقليم ونتيجة لبعض القرارات الحكومية كان لا بد من العودة لتبني برامج الإصلاح بالتعاون مع صندوق النقد الدولي والمؤسسات الدولية الأخرى.

وتجرى حالياً مباحثات لإتمام المراجعة السابعة لبرنامج الإصلاح الحالي الذي يمتد لغاية شهر اذار من العام القادم، ووفقاً للتصريحات الرسمية من المتوقع الاستمرار في التعاون المستقبلي مع صندوق النقد الدولي عبر تبني برنامج جديد للإصلاح.

استطاع الأردن من خلال السياسات التي تبناها وعبر تعاونه مع صندوق النقد الدولي والمؤسسات الدولية الأخرى أن يحقق العديد من الإنجازات التي مكنته من الحفاظ على الاستقرار المالي والنقدي وعلى مستويات متدنية من التضخم واحتياطيات اجنبية ملائمة وتحقيق نسب نمو قد لا تلبي الطموحات ولكنها جيدة في ظل الظروف والتحديات التي تشهدها المنطقة والعالم.

كما تم الحفاظ على تصنيف ائتماني يتيح إمكانية الوصول لمصادر التمويل المختلفة أضافة الى تعزيز التعاون مع الدول الصديقة والشقيقة، ومن المهم أن نلفت الانتباه الى أن الأردن لديه عدد من المشاريع التنموية تنتظر الفرصة المناسبة للمباشرة في تنفيذها بما فيها تلك التي تم التوافق عليها مؤخراً في مذكرات التفاهم مع دولة الامارات العربية الشقيقة.

كما أن هناك تحديات لا بد من العمل لتوفير المتطلبات التي تتيح معالجتها، ومن أهم هذه التحديات نسب البطالة المرتفعة التي تتجاوز 22% ونسب النمو المتواضعة والتي لا زالت أقل من 3% ومساوية تقريبا لنسبة النمو السكاني، وارتفاع نسبة الدين العام التي وصلت لحوالي 114% من الناتج المحلي الاجمالي، ومن المهم أن يتم البحث حول انجع السبل المتاحة للتوصل الى معالجات مناسبة لهذه التحديات في اطار الإجراءات الإصلاحية وفي خضم العمل لتنفيذ برامج ومشاريع رؤية التحديث الاقتصادي.

تشهد منطقة الشرق الأوسط حالياً تحديات غير مسبوقة وتسود ظروف من عدم التأكد وهذا يستوجب التفكير ملياً والعمل بجدية على انتهاج سياسات واتخاذ إجراءات إصلاحية تتناسب مع طبيعة التطورات الراهنة وتخدم مصلحة الاقتصاد الوطني وتساهم في تحقيق الأهداف الأساسية المتمثلة في تحسين ظروف معيشة المواطنين في إطار من الاستقرار المالي والنقدي، ولحين ظهور النتائج والمؤشرات النهائية المرتبطة بتنفيذ برنامج الإصلاح الحالي من المهم أن يتم العمل بالتوازي على تقييم النتائج واجراء تقييم أولي لتحديد الأولويات والامكانيات المتاحة لمواجهة المصاعب والتحديات التي تواجه الاقتصاد الأردني بهدف المضي قدماً بالإصلاحات المرتبطة بالمفاصل التي لها تأثير مباشر على حياة المواطنين، وتلك التي تساهم في توليد مزيد من فرص العمل وتحسين الخدمات المقدمة للمواطن والمستثمر على حد سواء.

واذا أجملنا القول فنحن بحاجة لإصلاحات تدعم رؤية التحديث الاقتصادي وتساعد على المضي قدماً في تحقيق أهدافها وبرامجها ومشاريعها مع إيلاء اصلاح القطاع العام ما يستحقه من عناية واهتمام.

مواصلة مسيرة الإصلاح الاقتصادي تمثل ضرورة للاقتصاد الأردني وهي تنسجم مع رؤى التحديث الشامل التي يتم العمل على إنجازها، والأردن في الظروف الراهنة لا زال بحاجة للتعاون مع المؤسسات الدولية والاستفادة من الخبرات التي توفرها والفرص التي تتاح نتيجة لهذا التعاون بما في ذلك الوصول لمصادر التمويل المختلفة والحصول على المنح والمساعدات الخارجية وتشجيع المستثمرين على الاستفادة من الفرص المتاحة وتعزيز التعاون للمضي قدماً في تنفيذ المشاريع الإقليمية.

وفي هذه الاثناء من المهم التركيز على الإصلاحات التي تحسن الأداء الاقتصادي وتولي القطاعات الإنتاجية والمولدة لفرص العمل اهتماماً خاصاً، مع العمل بشكل مسبق لتحديد الأولويات لنتمكن من التفاوض على برنامج اصلاح اقتصادي جديد يخدم الوطن ويساهم في تحسين مستوى معيشة المواطن على ارض الواقع بحيث يلمس المواطن ذلك.